إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، ونستهديه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، إنه من يهدِ الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد ألا إله الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله..
أما بعد..
فما أسهل الكلام وأصعب العمل!.. يقول ربنا سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: [قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا! وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ] إن كلمة الإيمان سهلة، يقولها الكثير.. لكن القليل هو من يُصدِّق هذا القول بالفعل.. القليل هو من يعمِّق جذور الإيمان في قلبه عن طريق العمل والجهد والتضحيات..
عندما مر المسلمون في الأشهر الأخيرة من عام 2005م بأزمة الإساءة للرسول صلى الله عليه وسلم على صفحات بعض الجرائد الدنماركية وغيرها.. لمس الجميع عمق حب المسلمين لنبيهم صلى الله عليه وسلم.. ذلك الحب الذي ترجمته تلك الغضبة العارمة، التي شملت مشارق الأرض ومغاربها.. حيث نُظِّمت المؤتمرات والندوات والمظاهرات، وظهرت لوائح المقاطعة هنا وهناك...
ومع كل التقدير لهذه العاطفة وتلك الغضبة.. إلا أن هذا النوع من النُصرة العاطفية أمر سهل لا يمكن أن يظهر عمقه في القلب إلا إذا صدَّقه العمل؛ لأن ميدان العمل أصعب دائمًا.. فلا تقف حدود نصرة الرسول صلى الله عليه وسلم عند حدود التصريح بحبه وإعلان الغضب له صلى الله عليه وسلم؛ لأن الله في الأصل قد تكفَّل بنصر نبيِّه.. بل نصره بالفعل: [إلاَّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ].
وإنما تتجلى نصرة المسلمين الصادقين لرسولهم صلى الله عليه وسلم في حُسن اتباع سنَّته، والسير على منهجه، والاهتداء بهديه القويم.
لا بد أن يسأل الأتباع الصادقون أنفسهم: ماذا لو كان النبي صلى الله عليه وسلم حيًّا بين أظهرنا الآن؟! كيف يكون تعامله مع قضايا المسلمين المختلفة وجراحهم النازفة هنا وهناك؟؟
وليست الإجابة عسيرة المنال على من فقه سيرة الحبيب صلى الله عليه وسلم؛ فسيرته ملأى بكل ما يُصلح المسلمين في حياتهم، وما يمكن أن يمر بهم من مواقف..
ونريد في السطور القادمة أن نقف أمام أعمق جراح الأمة "جرح فلسطين"، وخاصَّةً بعد تطوراته الكبيرة الأخيرة، من انكشاف فاضح لأوراق التآمر الدولي على الأمة عامة، وعلى فلسطين خاصة.. عبر قرارات تجميد الأموال، والحصار الخانق للشعب الفلسطيني عقابًا له على اختيار منهج الإسلام والمقاومة (المعروف دوليًّا باسم: الإرهاب!!).
ولا نريد في هذه السطور أن نكتفي بتكرار كلام يعرفه ويسمعه الجميع كل يوم.. ولا أن نقتصر على استعراض معلومات وحشد أفكار نظرية؛ فلا واقعية الإسلام، ولا إلحاح الظرف الفلسطيني العصيب.. يسمحان بأي قدر من الترف الفكري الذي لا يُتَرجَم على أرض الواقع.
ونسأل الله عزَّ وجَلَّ أن يُعِزَّ الإسلام والمسلمين