إن الصراع يتطلب منطقا آخر فرضته طبيعة الاستيلاء من جهة، وفرضية الدفاع عن أرض الإسلام والمسلمين، وبقي انتظار يوم الملحمة، وهنا ينزع الشيخ الابراهيمي - عن إيمان - إلى زرع الأمل والتفاؤل بانتصار العرب، بل يرى في محنة فلسطين بركة ونعمة على العرب، فيقول: "إيه يا فلسطين!! لقد كنت مباركة على العرب في حاليك! في ماضيك وفي حاضرك! كنت في ماضيك مباركة على العرب يوم فتحوك فكملوا بك أجزاء جزيرتهم الطبيعية، وجمّلوا بك تاج ملكهم الطريف، وأكملوا بحرمك المقدس حَرَمَيْهم، ويوم اتخذوك ركابا لفتوحاتهم، وبابا لانتشار دينهم ومكارمهم ومرابط لحماة الثغور منهم (...) وكنت مباركة عليهم في حاضرك المشهود فما اجتمعت كلمتهم في يوم مثلما اجتمعت في يوم تقسيمك (...) لكأن أعداء العرب أحسنوا إليهم بتقسيمك من حيث أرادوا الإساءة (...) ولكأنهم حسّوا بتقسيمك مواقع الكرامة والشرف منا، وكأن كل صوت من أصواتهم على التقسيم صوت جهير ينادي العرب: أين أنتم؟ فلا زلتِ مباركة على العرب يا فلسطين".
السؤال الذي يطرح نفسه: ما دواعي هذا التفاؤل؟ وما الباعث على الأمل؟ ففى معرض المقارنة بين "العرب واليهود في الميزان عند الأقوياء" يرى أن الأقوياء وازنوا بين ما نملك من قوى مادية، وبين ما يملك الصهيونيون من ذلك "فأنتجت لهم المقدمات هذه الحقائق: وهي أننا لا نملك مصنعا للسلاح ولا معملا للكيمياء، ولا رجالا فنيين كالذي يملكه اليهود من كل ذلك، وأن ثلاثين سنة مرت (أي منذ وعد بلفور) - وكلها نذر بهذه العاقبة - لم توقظنا من غفلتنا، ولم تدفعنا إلى الاستعداد لها، فقالوا: نقسمها، ولا نخشى العرب لأنه ليس فيهم مضرة مؤجلة"، ثم يخلص إلى أنه "فات أولئك البانين لكل شيء على الماديات أن هناك سلاحا أمضى من جميع الأسلحة المادية، وأنه الشرط الأول في نفعها وغنائها، وهو سلاح الروحانيات، من إيمان بالحق، واعتداد بالنفس، وحفاظ على الكرامة، وتقديس للشرف، وإباء للضيم، ومغالاة بالتضحية والفداء، واستخفاف بالظلم والظالمين، وفاتهم أن العرب وإن نَزُر حظهم من القوى المادية التي لا يستهين بها إلا جاهل، فإن حظهم موفور من القوى الروحية التي لا يستهين بها إلا مغرور".
إذن فنظرته وتقديره للصراع ينطلقان من طبيعة النظرة الإسلامية الصميم وهي التي تجعل في صراعه مع الأعداء: الله معتَمَداً ومسببا للأسباب، والإيمان باعثا، والأخذ بمقتضيات الإعداد المادي سببا. فهو يقدر القوى المعنوية للعرب والمسلمين في ترجيح كفة النصر لصالحهم ولو بعد حين، إن شاء الله تعالى، فالمعول عليه - بعده تعالى - انهيار داخلي يلحقه أبناء العروبة والإسلام بهذا الكيان الغاصب كما تشهد السنن التاريخية وتثبته الدراسات الاستراتيجية، يقول الدكتور عبد الوهاب المسيري: "ويمكن للأزمة الصهيونية أن تستمر بضعة قرون دون أن تتحول إلى (انهيار من الداخل) دون الفعل العربي، ابتداء من المقاطعة وانتهاء بالجهاد المسلح وهو القادر على أن يحول الأزمة إلى انهيار وتفتت ونصر عربي بإذن الله"